الإستغفار هو الطلب من الله عز وجل المغفرة بعبارات يذكر فيها الله وفيها توسل لله وإعتراف تام بألوهيته سبحانه وتعالى ، ونية بالتوبة عن جميع المعاصي والذنوب .
بالإضافة الى أن الاستغفار يتضمن الطلب من الله عز وجل ستر المعاصي والذنوب وطلب العفو عنها . وقال أهل الكلام أن الاستغفار هو طلب المغفرة بعد رؤية قبح المعصية، والإعراض عنها.
ولقد وردت في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تحثّ النبي ﷺ والمؤمنين على الإستغفار وطلب العفو والمغفرة ونذكر من هذه الآيات :
• ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ (الزمر: ٥٣ ).
• ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾
( الفرقان: ٧٠ )
• { وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم} (المزمل:٢٠ )
• { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} (هود:٩٠ ).
• { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (النصر:٣)
• { وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} (النساء:١٠٦)
• { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِبْكَارِ} (غافر:٥٥)
• { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(الأعراف:٢٣).
• {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(هود: ٤٧).
• {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: ٨٧).
• {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} (هود:٩٠ ).
• {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (البقرة: ١٩٩)
• { الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ } ( آل عمران: ١٧ )
• {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (آل عمران : ٨٩)
• { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ } ( آل عمران:١٣٥)
• {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (آل عمران: ١٥٩)
• {فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (النساء :٦٤ )
•{ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (النساء:١٠٦)
• {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًارَحِيمًا} ( النساء :١١٠)
وكان النبي ﷺ يكثر من الاستغفار في مجلسه على الرغم من أنه معصوم عن الخطأ ومغفور الذنب ، وهذا دليل على أهمية وعظم فضل الإستغفار.
ومن الأحاديث التي تحث على الاستغفار نذكر لكم :
• عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنّه قال: "كنَّا لنعدُّ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في المَجلِسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ: ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ". ( حديث حسن صحيح )
• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنّه قال: "واللهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً". (أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.)
• رويَ عن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه: "أنَّهُ قالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو به في صَلَاتِي، قالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ". ( متفق عليه أخرجه الشيخان بخاري ومسلم)
• عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ". (حديث صحيح متفق عليه أخرجه الشيخان بخاري ومسلم.)
• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلم- إنه قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لهمْ".( حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه)
•عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنّه قال: "إنَّ الرجُلَ لَتُرْفَعُ درجتُهُ في الجنةِ فيقولُ: أنَّى لِي هذا؟ فيُقالُ: بِاستغفارِ ولَدِكَ لَكَ" (حديثٌ صحيح)
• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنّه قال: "زَارَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَن حَوْلَهُ، فَقالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي في أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ فإنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ".(حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم.)
•عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنه قال: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ". (حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري.)
• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنه قال: "مَن جلسَ في مجلِسٍ فَكَثرَ فيهِ لغطُهُ، فقالَ قبلَ أن يقومَ من مجلسِهِ ذلِكَ: سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ، إلَّا غُفِرَ لَهُ ما كانَ في مجلِسِهِ ذلِكَ". (حديث حسن صحيح.)
• عن عبد الله بن عباس-رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنه قال: "مَن لَزِمَ الاستغفارَ جعل اللهُ له من كلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا. ومن كلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ورزقه من حيثُ لا يَحْتَسِبُ". ( حديث ضعيف )
• عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ آخِرِ ما يقولُ بيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ". (حديث صحيح اخرجه الإمام مسلم)
• عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّهُ كانَ يَدْعُو بهذا الدُّعَاءِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وَجَهْلِي، وإسْرَافِي في أَمْرِي، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جِدِّي وَهَزْلِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ". (حديث صحيح متفق عليه أخرجه الشيخان بخاري ومسلم في صحيحهما)
من بعد عرض هذه الأحاديث نستلخص ما يلي :
• أنه للاستغفار فضل عظيم ، فهو يغفر أعظم الذنوب ويحط الخطايا إذا صاحبهُ توبة صادقة وندم على الذنب.
• يجب على المسلم أن يحرص على استغفار الله سبحانه وتعالى فهو فعلُ النبي صلّى الله عليه وسلّم.
• أن أفضل ما يدعو به العبد هو طلب المغفرة من الله تعالى، فإن غفران الذنوب سببٌ في إجابة الدعاء.
• أنه يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بأن يغفر له ذنوبه في ركوعه وسجوده من الصلاة، إلا أنه من الأفضل في الركوع وذلك لما فيه من تعظيم الله. ويُشرع للمسلم أن يدعو الله تعالى بطلب المغفرة منه أو استغفاره بين التشهد والتسليم أُسوةً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.
• أن الله -تعالى- كتب على نفسه الرحمة والمغفرة، وأن الوقوع في الذنب أمر جُبلت عليه البشرية فيجب على الإنسان في حال صدور خطأ منه أن يتوب لله تعالى ويستغفره وهو الغفور الرحيم الذي يغفر ذنب عباده ويرحمهم.
• أنه يجب على المؤمن المداومة على الاستغفار والمحافظة عليه فهو سببٌ في محو الذنوب، وكثرة الاستغفار سبب في الرزق ونيل المغفرة وتفريج الهم والغم .
• أنه يجب على المسلم أن يدعو الله تعالى بأن يغفر له ذنوبه جميعها أُسوةً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.